تأملات
الرفيق فيدل
لقائي مع ليونيل فيرنانديز،
رئيس جمهورية الدومينيكان
تم يوم
الاثنين
الماضي،
الموافق
الثاني من آذار/مارس،
في الساعة
الرابعة
وثمانٍ
وخمسين دقيقة.
تعرفت
إليه في
جمهورية الدومينيكان،
حين تم
انتخابه رئيساً
للمرة الأولى.
تعامل معي
بخصوصية. تكلّم
عن جهوده
الأولى من أجل
الارتقاء
بالقدرة على
توليد
الكهرباء بقدر
أقل بكثير من
استهلاك الفويل-أويل،
الذي كانت
أسعاره ترتفع
بشكل متسارع.
لم
يقدّم أحد
المنصب له
كهديّة؛ فقد
وصل إليه من
خلال ما يشبه
الاختيار
الطبيعي،
الذي ارتقى
بفضله
سياسياً مع سيرورة الأحداث
التاريخية.
ابن
سيدة دومينيكانية
كانت قد هاجرت
إلى الولايات
المتحدة، على
غرار كثيرين
من أبناء وطنها،
وتم حمله هو برفقة
شقيقه إلى
مدينة
نيويورك، حيث
تعلّم القراءة
والكتابة.
حالفه
الحظ في أن
والدته كانت
تتابع قضايا
وطنها عن كثب،
وكانت تنقل له
آرائها
ووجهات نظرها
الثورية،
التي هيأته
للزمن الجديد
الذي كان
يعيشه الشعب الدومينيكاني.
وعبر
طرق مختلفة عن
طرقي أنا، وصل
لبلورة وجهات
نظر خاصة،
حدّدت موقفه
تجاه أوضاع
كانت مشابهة،
وفي ذات الوقت
مختلفة جداً،
عن الأوضاع
التي عشتها
أنا قبل ذلك
الموعد بثلاث
وعشرين سنة في
كوبا، حيث،
وقبل أن أبلغ
السادسة من
العمر، كانت
معلّمة كوبية
شابة، إلى
جانب شقيقتين
أخريين لها، بدون
شك من الشريحة
البرجوازية
الصغيرة في سنتياغو،
يعشن ظروف فقر
شديد بعدما أنهت
إحداهن دراستها
للطب وأخرى للتعليم
والثالثة لعزف
البيانو في
إحدى جامعات
هايتي، البلد الأقرب
إلى كوبا وإلى
وطن ليونيل
فيرنانديز.
كان من
نصيبي أن أخوض
تجربة الجوع،
من دون أن أعرف
ماهيّته،
لأخلط بينه
وبين الشهية
النهمة وغير
المعهودة في
مدينة سنتياغو
دي كوبا،
حيث أدهشتني
رؤية مدينةٍ
للمرة الأولى.
والمعلمة
التي كانت
تُعنى بمدرسة بيران، في
أوج عهد ماتشادو،
ولم يكن أجرها
مضموناً،
وإنما نعم
شهريّة جيّدة
من عائلتي، بعدما
أقنعتها بأن
ترسلني إلى سنتياغو.
تعلّمتُ
الجمع والطرح
والضرب بفضل
المغلّف
الأحمر لكرّاس
مدرسي، قبل أن
أتعلم
القراءة
والكتابة.
بهذه الطريقة
بدأت التمرّن
على الخيال،
ولكنهم
أخّروني سنتين
تمكنت من
تعويضهما
لاحقاً بجهد
كبير.
ربما
بهذه الطريقة
يكون مفهوماً
بشكل أفضل اهتمامي
بالتحدث مع ليونيل في
ظل الأوقات
الراهنة.
تعرفت
إلى خوان بوش،
المؤرّخ
والشخصية الدومينيكانية
المرموقة، في
عام 1946، في وقت
لم أكن قد
بلغت فيه
العشرين من
العمر بعد،
حيث كنت حينها
طالباً في
السنة
الثانية من
دراسة الحقوق
وقائداً
طلابياً في
تلك الكلية،
وإضافة لذلك
رئيساً
لمنظمة
التضامن مع
الديمقراطية الدومينيكانية
في كفاح هذا
الشعب الباسل
ضد دكتاتورية تروخيّو،
التي أقامتها
القوات
الأمريكية
بعدما احتلّت
الجزيرة في
عام 1928.
كنت
أنا وبوش في
لواء ساندينو،
البطل النيكاراغوي
الذي ناضل ضد
التدخلات اليانكية،
ولهذا السبب
تعرض
للاغتيال على
أثر تدخل إمبريالي
آخر في ذلك
البلد
الأمريكي
الأوسطي.
لم يكن
المثقف الدومينيكاني
الشهير
قائداً لتلك
الحملة،
وإنما كان
يقودها ساسة دومينيكانيون
آخرون. جميعهم
كانوا
يتحركون بحسن
نيّة، ولكن
تدفعهم لذلك
أفكار ومصالح
طبقيّة، بل وأوليغارشية
وبرجوازية.
أسوأ
ما في الأمر
هو أنه في ما
يتعلّق بكوبا
كان يقودها
أكثرهم
فساداً في
الحزب الثوري
الكوبي، وهو
اسم سُرق من
الحزب الثوري
الكوبي الذي
أسّسه مارتيه
للنضال من أجل
استقلال كل من
كوبا
وبورتوريكو،
وهما آخر مستعمرتين
لإسبانيا في
أمريكا
اللاتينية في
نهايات القرن
التاسع عشر.
لم يكن
أحد يفهم
السفسطة
المبهمة عند
أستاذ الفسيولوجيا
غراو سان
مارتين، وريث
الثورة التي
شنّها أنتونيو
غيتيراس هولميس،
وزير
الداخلية في
الحكومة
الثورية،
التي نشأت بعد
عهد ماتشادو
على أثر سقوط
الطاغية في
عام 1933.
الجوع
البريء الذي
تحدثت عنه كان
يكمّل المشهد.
حين
انتصرت
الثورة
الكوبية في
الأول من كانون
الثاني/يناير
1959، كان ليونيل
من جهته قد
بلغ السادسة
من عمره.
خيمينيز مويا،
الذي هبط مع
ثوار دومينيكانيين
آخرين في
أنحاء سلسلة
جبال سييرّا
مايسترا
بطائرة مدنية فنزويلية،
حاملاً 150
بندقية شبه
أوتوماتيكية
من نوع "غاراند"
كانت تطلق
تسعة أعيرة 30.06
من المشط
الواحد، وبندقية
"فال" أرسلها
لي شخصياً
الأميرال لارّازابال،
الذي كان
يترأس
الحكومة
المؤقتة الفنزويلية،
بعد سقوط
الدكتاتور
الموالي
للولايات
المتحدة، بيريز
خيمينيز،
التحق
بقواتنا إلى
جانب آخرين من
أبناء وطنه، وذلك
أثناء خوضنا
للمعارك
الأخيرة من
المنطقة الشرقية
من كوبا.
خلال
الحصار
المضروب على
لواء معادٍ من
القوات
الخاصة جيّدة
التدريب،
أصيب بجروح
خطيرة. بعد العناية
به من قبل
أطبائنا
العسكريين
تعافى وكان
جاهزاً
لعملية
الرابع عشر من
حزيران/يونيو
في سانتو دومينغو،
في عام 1959.
في
الساعة
السادسة
وعشرين دقيقة
من عصر ذلك اليوم
هبط 56 مقاتل دومينيكاني
في المطار
العسكري العائد
لعهد تروخيّو
في كونستانزا،
من دون أن
يكون أمامهم
خياراً آخر في
تلك الساعة
غير النزول في
ذلك المكان
وليس في
المكان
المحدد من
قبل. جميعهم
تقريباً
قُتلوا بعد
مقاومة
بطولية.
بعد
ذلك بأيام وصل
مائة وتسعة
وستون آخرون
بحراً
وواجهوا ذات المصير.
الفكرة
التي نسّق لها
وأعدّها
المقاتلون
أنفسهم لم يكن
بالوسع تنفيذها.
فقد لجأ
الخصم،
كعادته، إلى
التعذيب
والهول. إنها
قصة ربما ما
تزال بانتظار
من يكتبها.
الدماء
المشتركة
التي سالت في
نضالنا من أجل
الاستقلال
وفي عقدي
الخمسينات
والستينات
وحّدت شعبينا
إلى الأبد.
بعدما
كانت الثورة
في كوبا قد
ظفرت، تم
إخضاع البلاد،
في عهد حكومة
أيزنهاور،
لحصار
اقتصادي
فولاذيّ، وحملة
إرهابية
وحشية وتعرضت
لاحقاً
للهجوم عبر
شاطئ خيرون
[خليج الخنازير]
على يد قوات
مرتزقة كوبية.
العقيد
فرانسيسكو كامانيو
دينيوه تمرّد
على القيادة
العسكرية التروخيّة
في عام 1965 وطالب
بعودة خوان
بوش، الذي كان
الشعب قد
انتخبه
رئيساً في شهر
كانون
الأول/ديسمبر من
عام 1961. وقد
انضمت إليه
وإلى ضباطه
وجنوده
مجموعة من الثوار
الذين كانوا
قد تدرّبوا في
كوبا.
الكونغرس
الدومينيكاني
انتخبه
رئيساً
للبلاد.
الحكومة الإمبريالية
الأمريكية،
وقد أفزعتها
تلك الأحداث،
أرسلت
بالكتيبة 82
المنقولة
جواً وأكثر من
أربعين ألف
رجل من مشاة
البحرية من
أجل احتلال
الجزيرة.
كامانيو
أوقف تلك
القوات
الغازية عند
حدّها
وأرهقها بدون
كلل، مجبراً
إياها على
التفاوض. كان
قد أقسم بعدم
الاستسلام
أبداً. وحين
كان أولئك قد
وقّعوا
اتفاقاً،
مصحوباُ بضمانات
لم يتم تنفيذها
أبداً، غادر
العقيد كامانيو
الأراضي
الوطنية
وعيّنته
الحكومة
ملحقاً عسكرياً
في لندن.
ولكنه
لم يكن رجلاً يرتضي
بتلك الوظيفة.
أراد العودة
إلى سانتو
دومينغو
لمقارعة
الذين كانوا
يقمعون شعبه.
توجّه إلينا
بطلب تعاوننا.
لم نكن نحن
نرغب في أن
يسلّم حياته
في أي لحظة،
وإنما كنّا
نتمنّى توفّر
ظروف أفضل، ولكن
كلمتنا كانت
مقدسة.
عاش
بيننا مدة من
الزمن،
مستنداً إلى
وعدنا بتأمين
عودته
والأسلحة بين
يديه حالما
قرر هو ذلك.
لقد
حافظنا
دائماً بشرف
كبير على
الثقة التي
أودعها في
شعبنا.
إنها قصة أخرى
بانتظار من
يكتبها بكل ما
يلزم من
الصرامة.
كنت
أعلم بأن ليونيل
معجب، بين
أمور أخرى،
بثقافة شعبنا.
ولذلك سمحت
لنفسي بأن
أعرض عليه
صفحة قوامها 26
سطراً تحتوي
على سرد شديد
الإيجاز
لسيرة الشاعر
الزنجي غابرييل
دي لا كونسيسيون
فالديس،
المعروف بلقب بلاسيدو،
والذي حلت في
الأول من
آذار/مارس 2009
ذكرى سنوية
جديدة
لاعتقاله إلى
جانب آخرين من
عرقه. تم
اتهامه
بالتآمر على
البيض، وبعد
أربعة أشهر من
السجن جرى
إعدامه في
التاسع
والعشرين من حزيران/يونيو
1844.
هذا ما
كان عليه
مفهوم
العدالة التي
طبقتها الإمبراطورية
الإسبانية
على مدى قرون
من الزمن في كيسكيجا
وفي كوبا.
حين
كنتُ في الصف
السادس
ابتدائي في
مدرسة دولوريس
اليسوعية،
كنت قد تعرفت
على قصيدة "دعاء
لله" الشهيرة
للشاعر
العبقري الذي أتذكره
دائماً.
قرأها ليونيل،
وكان معه
الرفيق إستيبان
لازو،
عضو المكتب
السياسي،
والذي كلّفه
الحزب مؤخراً
مهمة تنظيم
احتفالات
الذكرى
المئوية
الثانية
لولادة
الشاعر، وهي
احتفالات
تبدأ بعد خمسة
عشر يوماً.
يسعدني
أن أعرف بأن
شعبنا
سيتمكّن من
التعرف إلى
حياة وفكر بلاسيدو
وأبيات شعره
التي لا يُعلى
عليها.
الموضع
الذي اكتسب
الحديث مع ليونيل
فيه أكبر بعد
له هو عندما
دخل في موضوع
تكلفة الأزمة
الراهنة. فاعتباراً
من تلك
اللحظة، لا
يتوقف عقله
لحظة واحدة عن
بلورة
المبررات،
ليعبّر
بأرقام دقيقة
عن كل واحد من
الجوانب
الرئيسية
لتكلفة
الأزمة الراهنة.
يبدأ
بالبحث عن
منشأ الديون،
الكونية
تقريباً،
والخلط بين
معنى مصطلح
"بليون"
بالإنكليزية
و"بليون" بالإسبانية.
"بليون"
بالإنكليزية
يعني ألف
مليون فقط.
و"بليون"
بالإسبانية يعني
بالنسبة لنا
مليون مليون.
في
الملاحظات
وفي الأرقام
التي توردها
البرقيات
والمقالات
الصحفية يحدث
اختلاط هائل.
ولهذا
فإن ليونيل
يستخدم كلمة "ترليون"،
وهو التعبير
الذي يطلقه
على
"البليون" الأمريكي.
معناه بالضبط
هو مليون مليون.
إذا
أراد ن يشير
إلى إجمالي
الناتج
المحلي للولايات
المتحدة،
الذي يصل إلى
رقم يبلغ 15 مليون
مليون، فإنه
يذكره مؤكداً
بأن حجم
إجمالي
الناتج المحلي
عند هذه
القوّة يصل
إلى 15 ترليون
دولار.
بعد
عرضه لهذا
التوضيح، لا
يتوقف دقيقة
عن شرح مبلغ
ما وصلت إليه
نفقات بوش في
حرب العراق،
مضافةً إلى
العجز السنوي
في موازنة ذلك
البلد، وهو
أمر يحصيه
واحداً
واحدا، حتى
التاسع عشر من
آذار/مارس؛
ويضيف إليها
تباعاً خطة إنقاذ
بوش؛ ثم يضيف
إليها جميعاً
خطة إنقاذ أوباما،
وهكذا دواليك.
في هذه
الحالة يكتفي
بذكر ما تكلّف
به
الأزمة
الولايات
المتحدة. ثم يشرع
بحساب ما
تكلّف به
الأزمة
البلدان
الأوروبية،
بلدان منطقة اليورو
أولاً،
المدعومة من
قبل البنك
المركزي الأوروبي؛
ثم جميع بلدان
أوروبا
الشرقية،
وأخيراً
بريطانيا
والسويد.
وبدون
توقف، ينتقل ليونيل
للنظر في
التكاليف
بالنسبة
لباقي بلدان
العالم.
يجري
مقارنات بين
إجمالي
الناتج
المحلي للولايات
المتحدة وباقي
البلدان. يجمع
قيمتها كلّها.
يحسب العجز
الذي يطرحه كل
واحد من هذه
البلدان.
وينتقل لحساب
القروض التي
تقدّمها
البنوك من أجل
المحافظة على
إنتاج كل واحد
من شركات
الإنتاج، والمرّات
التي تقدّم بها
الأموال
المودعة في
البنوك،
ومجموع كل
القروض، المولّدة
لمشتقّات سامّة،
والوصول إلى
أرقام تبلغ ترليونات
الدولارات.
يؤكد ليونيل
بأن المضاربة
المالية تسود
في كل مكان.
"يتحرك
في المضاربات أشخاص لا
ينتجون".
"أحد
يبيع نفطاً لا
ينتجه، وأحد
يشتري نفطاً لا
يفكّر
باستهلاكه".
"ذات
الشيء يحدث
بالنسبة
للمواد
الغذائية".
"هذا
ما يحدث في كل
شيء".
ويواصل
القول بأن
الرهن يتحوّل
إلى ملكية
يجري تسويقها
في السوق من
دون علم
المالك. يمكن
لهذا أن يفقد
مسكنه بفضل
عملية يتم
القيام بها
في بلد بعيد.
"النيوليبرالية
تدمّر نفسها
بنفسها".
"العودة
إلى مبادئ الكينسيانية
لا تحل الأزمة
الراهنة".
"يترتب
عن ذلك البحث
عن أفكار
جديدة".
يعرف ليونيل
بأن الأرقام
مفجعة، وتبعث
القلق عند
الحاجة لإدراك
هذه المبالغ،
ولو بدت خارجة
عن المنطق،
ويعد بمواصلة
توفير
المعطيات.
من
شأني أن أعرّف
طرح ليونيل
حسب رؤيته
للأمور على
الشكل الآتي:
الرأسمالية
هي نظام يتعرّق
تُكسينات
سامّة من جميع
مسامه.
من
الشغف الذي
يُسمع به
صوته، استشف
بأن اليانكيين
قد لعنوا
الحساب الذي
تعلّمه ليونيل
في نيويورك،
حين تعلّم
القراءة
والكتابة.
أما
لسان حال
العمليات
المالية
الدولية واسع
الانتشار،
وهو صحيفة "ذي
وول ستريت
جورنال"،
فقد نشرت من
جهتها مقالة
في الثاني من
آذار/مارس لتانكو
فاراداراجان،
أكد فيها بأن نورييل روبيني، العالم
واسع المدارك
في الاقتصاد،
يرى بثبات أن
التأميم المؤقت
هو أفضل حل
للأزمة
المالية.
"نورييل
روبيني
يرتدي دائماً
زيّاً أبيضاً
وأسود، أعرفه
منذ سنتين
تقريباً وقد
شاهدته في
لحظات مختلفة،
في الطريق إلى
مدرسة ستيرن
للتجارة،
التابعة
لجامعة
نيويورك، حيث
يعمل بروفيسوراً،
يحتسي كأساً
من النبيذ في
بهوها، في حيّ
تريبيكا،
في منهاتان؛
وفي محاضرة
أكاديمية،
يجلس بحكمة على
المنبر؛ وفي
حفلة بوهيمية
في حي غرينويتش
فيليج،
في الساعة
الثالثة
فجراً".
"يرتدي
دائماً بدلة
سوداء
وقميصاً أبيض
من الكتّان".
روبيني هو
صاحب شركة
الاستشارة
القانونية "Roubini Global Economics"، الواقعة
في وسط
نيويورك. وهو
في الوقت
الراهن الشخص
صاحب الرأي
حول الأزمة
الأعلى طلباً
من جانب
الوسائل
الصحافية الرئيسية
في الولايات
المتحدة.
"إن
فكرة إنفاق الحكومة
ملايين
الملايين من
الدولارات من
أجل إنقاذ
مؤسسات مالية
ومواصلة الإنفاق
في ممتلكات لا
يمكن قبضها
ليست بفكرة جذابة،
لأن التكلفة
المالية تصبح
آنذاك أكبر
بكثير،
وبدلاً من
التطلع للأمر
كأمر بلشفي،
يجب النظر إلى
التأميم كأمر براغماتي. وللمفارقة،
هذا المقترح
موجّه إلى
السوق أكثر من
توجّه خيار
البنوك
المنعَشة
إليه".
"إذن،
هل تتقبل أعلى
هيئات الحكومة
الأمريكية
فكرة تأميم
البنوك؟ ‘أعتقد
أنه نعم‘، هذا
ما يؤكده روبيني
بدون شك في
الأمر. "بعض الأشخاص
مثل ليندسيه
غراهام
(السيناتور
الجمهوري
المحافظ) وآلان
غرينسبين
(الرئيس
السابق
للاحتياط
الفدرالي)
عبّروا عن
مباركتهم
الصريحة لذلك.
وهذا يحمي أوباما
بطريقة ما‘".
"إذن،
ما هي بالضبط
الفلسفة
الاقتصادية لنورييل روبيني؟
‘أؤمن باقتصاد
السوق‘، هذا
ما يؤكده، مع
شيء من
التركيز. ‘أظن
أن الناس
يتجاوبون مع
الحوافز، وأن
الحوافز مهمّة،
وأن الأسعار
تعكس الطريقة
التي يجب أن
يتم بها
توزيع
الأشياء.
ولكنني أظن
أيضاً بأن
اقتصاديات
السوق تعاني
مواضع خلل
سوقي في بعض
الأحيان،
وعندما يحدث
هذا الخلل،
فإن المجال
يتّسع لتنظيم
حكيم (غير
متمادي)
للنظام
المالي‘".
هناك
أمران أخطأ بهما غرينسبين
كلياً، وهما
اعتقاده
أولاً بأن
السوق ينظّم
نفسه بنفسه،
وثانياً أنه
ليس هناك من مواضع
خلل سوقي.
باختصار،
بالنسبة
لصحافي الـ
"ذي وول ستريت
جورنال"،
تونكو فاراداراجان،
والخبير
اللامع نورييل
روبيني،
لا يمكن
للنظام
الرأسمالي أن
يعمل بدون سوق،
ولكن لا يمكن
الامتناع عن
تنظيم السوق؛
وعليه فإن من
واجب الدولة
أن تضمن
الأمرين معاً.
أتفهّم
شعور ليونيل
بالمرارة حين
يتمعّن بكلفة
الأزمة.
فالمجتمع
نفسه الذي دفع
بالنظام
الرأسمالي
المتقدم لا
يعرف الآن
كيفية مواجهة
المشكلة،
وأكثر نظرياته
شهرة تطلق
أفكاراً
كالأفكار
التي عرضناها
للتو.
يعود
بأعلى رباطة
جأش ممكنة إلى
المشكلات الأكثر
تحديداً التي
تعانيها سانتو
دومينغو
ويأخذ بذكر كل
واحد من
الإجراءات
التي يزمع اتخاذها
في السنوات
المقبلة. يطرح
بقوة فكرة أن المحسومات
من الرواتب
الفعلية
للعمال تشكل
ضمن الأرصدة
الاجتماعية
لبلدان
أمريكا
اللاتينية
مصدر رأسمال
يراكِم، في
حال أدارته
الدولة،
موارد لا تفقد
قيمتها، لكون هذه
القيمة تنمو
سنوياً.
في حال
استثمار هذه
الأرصدة في
مساكن وفي
خدمات حاسمة
للمواطنين،
بعد حسم جزء فعلي
من العمل الحي
الذي يتم
استثماره
سنوياً فيها،
فإن من شأن
قيمة هذه
الأرصدة أن
ترتفع بشكل
متواصل.
مع
متابعتي لسير
أعمال اللقاء
الدولي لرجال الاقتصاد
حول العولمة
والتنمية
لاحظت في
اليومين
الأولين لهجة
أشد عند رجال
الاقتصادي
المرموقين
دولياً المجتمعين
في كوبا،
تتركز على
البحث عن مصدر
لمراكمة
رأسمال بخدمة
المجتمع على
أمل تخليصه –المجتمع-
من الأزمة
التي يعانيها.
فجأة،
وأمام القدر
الهائل من
النظريات
والحلول المنقذة،
خطرت ببالي
وقائع أخرى،
وتساءلت:
هل
يمكن للعلم أن
يعطي إجابة
عاجلة على
ذوبان الدائرتين
القطبيتين
الشمالية
والجنوبية،
والذي يحدث
أمام الناظر،
وعلى وصول
درجة حرارة
الغلاف الجوي
إلى أعلى
مستوى لها
خلال السنوات
السبعمائة
ألف الأخيرة،
وهو أمر تعرفه
الأمم المتحدة
وغيرها من
المؤسسات
المرموقة؟
أدرك أن
مثل هذه
الأرقام
يمكنها أن
تثبط عزيمة
قليلين،
ولكن، أليس من
الأسوأ
تجاهلها؟
غير أن
محادثتي مع ليونيل فيرنانديز
لم تنته هنا.
قال لي بأنه
سيتوجّه إلى سنتياغو دي كوبا من
أجل وضع
زهوراً أمام
ضريح بطلنا
الوطني. كان
هذا من أعلن
في مونتيكريستي
عن بدء
المعركة
النهائية ضد
القوة
الاستعمارية
الإسبانية من
أجل تحرير كل
من كوبا وبورتوريكو.
كان يرافقه في
الرحلة مكسيمو
غوميز،
الذي علّمنا
على خوض
المعارك
بمناجل قطع قصب
السكر وارتقى بها في
أرياف كوبا.
أطلق مارتيه في دوس ريّوس
شعار ألهم النضالات
المستقبلية
لشعبنا ضد
السيطرة
الإمبريالية
في بلدان
أمريكا
اللاتينية.
قبل
وداعنا، قال:
"هل تعرف
شيئاً؟ لا
أريد مغادرة كوبا
من دون أن
أزور ثكنة ‘مونكادا‘".
لم أكن
أنا قد تذكّرت
حتى تلك
القلعة في خضم
كل هذا
التاريخ. لم
أعلّق كثيراً
وشكرته على
معاملته
الخصوصية
تجاهي. أراد
التقاط صورة
بآلة تصوير
رقمية. جلب
واحدة والتقط
تلك الصورة. عندما قال
لي بأنه لا
يريد أن يعرّض
نفسه لخطر
تفنيد
أقواله،
أجبته مازحاً
بأن أحداً ليس
من شأنه أن
يخاطر بذلك،
لأنهم يعرفون
أن بوسعي أن
أمتطي
الطائرة
والهبوط في
بلد مجاور.
هكذا مضى
الوقت بمتعة.
أثناء كتابتي
لهذه السطور، يوم
الأربعاء
الموافق 4،
سمعت الكلمات
الملهبة التي
قالها مانويل
زيلايا،
رئيس
هندوراس،
المشارك في
اللقاء حول
العولمة
والتنمية،
وكان قد ألقى
يوم أمس
خطاباً عظيماً
في هذا
المحفل. وكانت
أكثر لهباً
الكلمات التي
قالها لإدانة
الحصار
المفروض على
كوبا؛ حضوره
الخطابي مدهش.
من
المؤسف أن
يغادر اليوم
من دون أن
أسلّم عليه. إنها
المرة
الثانية التي
يزور كوبا
فيها. ولكن،
ماذا أفعل، من
أين آتي
بالوقت؟
فيدل
كاسترو روز
4
آذار/مارس 2009
الساعة: 3:35 عصراً