تأملات
الرفيق فيدل
الواجب
والوباء في
هايتي
قررت
منظمة الأمم
المتحدة يوم
الجمعة
الماضي، الثالث
من الجاري، عقد
جلسة للجمعية
العامة مخصصة لبحث
وباء
الكوليرا في
هذا البلد
الشقيق. نبأ
هذا القرار
جاء ليبعث
الأمل. من
المؤكد أن هذه
الجلسة ستفيد
في لفت انتباه
الرأي العام
العالمي إلى
خطورة الحدث،
وحشد دعمه
لشعب هايتي.
ففي نهاية
المطاف،
الدافع لوجودها
أصلاً هو
مواجهة
المشكلات
وتشجيع
السلام.
اللحظة
التي تعيشها
هايتي حالياً
هي لحظة خطيرة،
والمساعدة
العاجلة التي
تحتاجها قليلة.
عالمنا
المضطرم ينفق
سنوياً بليوناً
ونصف البليون
دولار على
الأسلحة
والحروب؛ وما
تحتاجه هايتي –البلد
الذي تعرض قبل
أقل من سنة من
اليوم لزلزال
همجي أنزل 250
ألف قتيل و300
ألف جريح
وكماً هائلاً
من الدمار-،
لإعادة
بنائها
ونموّها، حسب
تقديرات بعض الخبراء،
هو عشرين مليار
دولار، أي 13
بالمائة مما
يتم إنفاقه
سنوياً لهذه
الأهداف.
لكن
ليس هذه
هي القضية الآن،
والتي أصبحت تشكل
مجرّد حلم. لا
يقتصر نداء
منظمة الأمم
المتحدة على
طلب مساعدة
اقتصادية
متواضعة يمكن الحصول
عليها خلال
دقائق قليلة،
وإنما يشمل 350
طبيب وألفي ممرضة
غير متوفّرين
لدى البلدان
الفقيرة، وعادة
ما تسرقهم
البلدان
الغنية من
الفقراء. كوبا
استجابت على
الفور بعرضها
300 طبيب
وممرضة.
بعثتنا
الطبية
الكوبية في
هايتي تعتني
بنحو 14
بالمائة من
المصابين
بالكوليرا. وفور
توجيه
المنظمة
الدولية
لندائها، شرعت
هذه البعثة بالبحث
عن الأسباب
المحدّدة
لمؤشر
الوفيات المرتفع.
النسبة
المتدنية
للمرضى التي
يعتنون هم بها
هي دون الواحد
بالمائة –وهي
نسبة تتقلّص
وستواصل
تقلّصها
يوماً بعد يوم-
مقابل
الثلاثة
بالمائة من
الأشخاص
الذين تجري
العناية بهم
في باقي
المراكز
الصحية العاملة
في البلاد.
من الواضح أن
عدد الموتى لا
يقتصر فقط على
الألف و800 شخص
الذين تتحدث
عنهم
التقارير.
فضمن هذا
العدد لا
يندرج أولئك
الذين يموتون
دون أن يتلقوا
عناية
الأطباء
والمراكز الشفائية
القائمة.
في
معرض بحثهم
لظروف أولئك
الذين
يرتادون بأشدّ
حالات
الخطورة إلى
مراكز مكافحة
الوباء التي
يقوم عليها
أطباؤنا،
لاحظوا بأنهم
يأتون من كومونات
فرعية أبعد
مسافة وتتمتع
بمستوى أقل من
الاتصال. جغرافية
هايتي هي جغرافية
جبلية، ولا
يمكن الوصول
إلى كثير من
مناطقها النائية
إلا مشياً على
الأقدام عبر
أراضٍ وعرة.
تنقسم
البلاد إلى 140 كومونة، مدينية
وريفية، في
إحدى الكومونات
الفرعية
النائية، حيث
يعيش نحو خمسة
آلاف شخص –حسب
تقديرات
الراعي
البروتستانتي
فيها- كان قد
توفي عشرون
شخصاً بسبب
المرض من دون
أن يرتادوا
إلى مركز شفائية.
واستناداً
للدراسات
العاجلة التي
أجرتها البعثة
الطبية
الكوبية
بالتنسيق مع
السلطات الصحية،
فقد تم التحقق
من وجود 207 كومونات
فرعية هايتية
في أكثر
المناطق عزلة
لا تتوفر فيها
مراكز مكافحة
الكوليرا أو
العناية
الطبية.
في
الاجتماع
المذكور
للأمم
المتحدة،
صادقت هذه على
الحقيقة التي
ذكرتها
السيدة فاليري
آموس،
الأمينة
العامة
المساعدة لمنظمة
الأمم
المتحدة
للشؤون
الإنسانية، التي
زارت البلاد
بصورة عاجلة
على مدى يومين
وقدّرت عدد
الثلاثمائة
وخمسين
طبيباً وألفي
ممرضة
اللازمين. كان
الأمر يحتاج
لمعرفة
الموارد
البشرية
المتوفّرة في
البلاد من أجل
تقدير عدد
أفراد الطاقم اللازم.
وسيعتمد
هذا العامِل
أيضاً على عدد
الأيام
المخصّصة من
قبل الطاقم الذي
يعكف على
مكافحة
الوباء. هناك
واقع هام يجب
أخذه بعين
الاعتبار،
وهو ليس فقط
عامل الوقت
الذي يكرَّس
للعمل، وإنما
مواعيد العمل.
ففي معرض
تحليل المؤشر
المرتفع
لنسبة
الوفيّات،
يلاحَظ أن
أربعين
بالمائة من
هذه الحالات يحدث
في ساعات
الليل، مما
يدلّل على أنه
في هذه
الساعات من
اليوم لا يتلقى
المرضى
المصابون
العناية
نفسها
بحالاتهم.
تقدّر
بعثتنا أن
الاستخدام
الأمثل
للطاقم الطبيّ
من شأنه أن
يقلّص عدد
الوفيّات. ومن
خلال حشد
الموارد
البشرية
المتوفّرة
لدى فرقة
"هنري ريف" ولدى
خريجي
المدرسة
الأمريكية اللاتينية
للطب، تعبّر
البعثة
الطبية الكوبية
عن ثقتها
بأنه، حتى في
خضم الصعوبات
الهائلة
الناجمة عمّا لحق
من دمار بسبب
الزلزال
والإعصار
والأمطار
المفاجئة
والفقر، يمكن
السيطرة على
الوباء
وحماية أرواح
آلاف الأشخاص
الذين من
شأنهم أن
يموتوا بلا
مفرّ ضمن
الظروف الحالية.
يوم الأحد،
الموافق 28،
أجريت
الانتخابات
الرئاسيّة ولكامل
أعضاء مجلس
النوّاب ولجزء
من مجلس
الشيوخ، مما
شكل حدثاً
متوتراً
ومعقداً بعث عندنا
قلقاً شديداً
في ما يتعلق
بالوباء وبالوضع
الحرج الذي
تعيشه البلاد.
في
التصريح الذي
أدلى به
في الثالث من
كانون الأول/ديسمبر،
أشار الأمين
العام لمنظمة
الأمم
المتحدة
حرفياً: "أحث
جميع الأطراف
السياسية،
أياً كانت
مآخذها أو
تحفظاتها على
العملية الانتخابية،
على الامتناع
عن اللجوء إلى
العنف وعلى
الشروع ببحث
القضية فوراً
وإيجاد حل قبل
أن تحدث أزمة
حادّة"،
حسبما نقلت
وكالة أنباء
أوروبية
هامّة.
واستناداً
لما ذكرته هذه
الوكالة فقد
دعا الأمين
العام المجتمع
الدولي إلى
تنفيذ
التزامه
بتسليم 164
مليون دولار
التي لم
يسلَّم منها
إلا ما نسبته 20
بالمائة.
ليس
صحيحاً
التوجه إلى
بلد كمن يؤنب
طفلاً صغيراً.
هايتي هي بلد
كان أول بلدان
هذا النصف من
العالم في
القضاء على
العبوديّة.
ذهبت ضحية كل
نوع من
الاعتداءات
الاستعماريّة
والإمبريالية.
تعرض
لاحتلال
حكومة
الولايات
المتحدة قبل
ست سنوات
بالكاد،
بعدما شجعت هذه
على حرب أخوة
فيه. إن
وجود قوة
احتلال فيها،
باسم الأمم
المتحدة، لا
يحرم هذا
البلد من حقه
باحترام
كرامته
وتاريخه.
نرى
بأنه صائبٌ
موقف الأمين
العام للأمم
المتحدة في
دعوته
لمواطني
هايتي لتفادي
المواجهات
فيما بينهم.
يوم الثامن
والعشرون، في
ساعة مبكّرة
نسبياً،
وقّعت أحزاب
المعارضة دعوة
إلى الاحتجاج
في الشارع،
فخرجت
مظاهرات وقامت
حالة من
الاضطراب الكبير
داخل البلاد،
وخاصة في بورت
برنس؛ وعلى
الأخص خارج
البلاد. غير
أن الحكومة
والمعارضة
على حد سواء
تمكنتا من تفادي
أعمال العنف.
وفي اليوم
التالي عمّت
البلاد حالة
من الهدوء.
وكالة
الأنباء
الأوروبية
نقلت بأن بان
كي-مون كان قد
صرّح
"بالنسبة
لانتخابات
يوم الأحد
الماضي في
هايتي [...] أن
<الانتهاكات>
المسجّلة
<تبدو الآن أكبر مما
ساد الظن بها
في البداية>".
من
قرأ كل
الأنباء
الواردة من
هايتي
والتصريحات
الصادرة
لاحقاً عن
المرشحين
الرئيسيين للمعارضة،
لا يمكنه أن
يفهم دعوته
إلى تفادي
المواجهات
بين الأخوة
بعد حالة الاضطراب
التي نشأت بين
الناخبين،
عشية نتائج الانتخابات
التي ستحدّد
المرشحَين
المتنافسَين
في انتخابات
شهر كانون
الثاني/يناير،
ليصرّح اليوم
أن المشكلات
هي أكبر مما
ساد الظن به
في البداية،
مما يعادل
بفعله صبّ
الزيت على نار
الخصومات
السياسية.
يوم
أمس، الرابع
من كانون
الأول/ديسمبر،
حلّت الذكرى
الثانية عشرة
لوصول البعثة
الطبية
الكوبية إلى
جمهورية
هايتي. منذ
ذلك الحين
وحتى الآن،
قدّم آلاف
الأطباء وفنيي
الصحة
الكوبيين
خدماتهم في
هايتي. لقد عايشنا
شعبها في زمن
السلام والحرب،
والزلازل
والأعاصير. وإلى
جانبه سنكون
في زمن التدخل
والاحتلال
والوباء هذا.
يعرف
رئيس هايتي
وسلطاتها
المركزية
والمحلية،
أياً كانت
أفكارهم
الدينية أو
السياسية،
بأن كوبا إلى
جانبهم.
فيدل
كاسترو روز
5 كانون
الأول/ديسمبر 2010
الساعة: 8:12
مساءً